لقيت التطلعات العربية تشجيعا وتأييدا من قبل بريطانيا، خاصة بعد نشوب الحرب ودخول تركيا فيها إلى جانب ألمانيا بالرغم من نصيحة الشريف الحسين للسلطان محمد رشاد بعدم دخول الحرب.

ولم يكن ذلك التأييد من إيمانها بحق العرب بالاستقلال والتحرر والوحدة، ولكنه كان نابعا من رغبتها في إلحاق الهزيمة بتركيا وحليفتها ألمانيا من خلال إبطال مفعول دعوى الجهاد المقدس التي كان من المتوقع إعلانها من قبل الخليفة العثماني بتحريض من ألمانيا، وذلك لكسب ولاء رعاياها ورعايا حلفائه الفرنسيين والروس من المسلمين في الهند وإفريقيا ووسط آسيا.

وكان الشريف الحسين بن علي، الشخص المؤهل لإبطال دعوى الجهاد المقدس في نظر بريطانيا، نظرا لمنصبه الديني كحامي لمكة والمدينة، ونسبه من الرسول، صلى الله عليه وسلم، وتبادل الشريف الحسين مع مكماهون عشر رسائل في الفترة ما بين تموز 1915 - آذار 1916م.

ووفقا للرسالة الأولى بتاريخ 14 تموز 1915م، ضمن مراسلات الحسين – مكماهون، حاول الشريف الحسين أن يستغل حاجة الإنكليز إليه وإلى العرب للحصول منهم على اعتراف باستقلال ووحدة الأقطار العربية في قارة آسيا، وجاءت هذه الرسالة مطابقة لمطالب الجمعيات العربية في سوريا، والتي يطلق عليها اسم ميثاق أو برتوكول دمشق 1915م.

وانتدب الشريف الحسين -آنذاك- الأمير فيصل للذهاب للأستانة ليقابل الصدر الأعظم ويخبره بأمور خطيرة، وخلال وجوده التقى بقادة الحركة العربية وأعضاء الجمعيتين العربية الفتاة التي أصبح عضوا فيها، والعهد، وذلك بناء على طلبهم، وأطلعوه على نص الميثاق، الذي تضمن شروط العرب لعقد اتفاق مع بريطانيا والدخول إلى جانبها في الحرب، وطلبوا منه أن يقدمه إلى والده كي يجعله أساسا لمفاوضاته مع بريطانيا، ونص على:

* اعتراف بريطانيا العظمى بالاستقلال للبلاد العربية الواقعة ضمن الحدود التالية:

 شمالا: خط مرسين – أضنة إلى حدود إيران.

 شرقا: على امتداد حدود إيران إلى الخليج العربي جنوبا.

 جنوبا: المحيط الهندي باستثناء عدن.

غربا: على امتداد البحر الاحمر ثم البحر المتوسط إلى مرسين.

* إلغاء جميع الامتيازات الاستثنائية التي منحت للأجانب بمقتضى الامتيازات الأجنبية.

* عقد معاهدة دفاعية بين بريطانيا وبين الدول العربية المستقلة.

* تقديم بريطانيا وتفضيلها على غيرها في المشروعات الاقتصادية.

 واستجابت بريطانيا إلى مطالب الشريف الحسين، وفقا لمذكرة مكماهون الثانية بتاريخ 24 تشرين أول 1915م، مع بعض التحفظات بخصوص الساحل السوري والعراق وسواحل شبه الجزيرة العربية، إلا أن الشريف الحسين لم يقرها أو يعترف بها، ولكنه أجل البحث فيها إلى نهاية الحرب مع تأكيده على عدم إمكانية التنازل عن شبر واحد لفرنسا وكان يؤكد دائما على أنه "لا فرق بين عربي مسلم وعربي مسيحي، فالعرب عرب قبل أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين".